Monday, May 26, 2014

الفرن بايظ يا منة

بيتنا إللي في شارع الطيران هو البيت إللي أهلي اتجوزوا فيه و عشت فيه أنا و أختي الصغيرة لحد لما اتخرجت من الجامعة. نظراً لموقع البيت الاسترتيجي و سياسة أمي - او عيلتنا بشكل عام - إن بيوتنا مفتوحة لكل صحابنا و أهلنا اتصف البيت بدفء و حميمية لم أعهدها في معظم البيوت إللي دخلتها.

زمان قبل ما تتقاذفنا الظروف و الأقدار، أمي- شأنها شأن كل الأمهات- كانت بتطبخ
ده طبعاّ قبل ما تعرف أم أمنية و طبيخها إللي زي الخرا طريقهم إلي مطبخنا
ملحوظة: أكل أم أمنية هو الأكل الوحيد إللي حطيته في بُقي و تفيه في حياتي كلها

أنا و اختي كنا ديماً نطلب من مامي تعمل كيك و أمي كان دايماً ردها جاهز و واضح "الفرن بتاعنا بايظ" الفرن فضل بايظ من ساعة لما أمي اتجوزت لحد لما عزلنا و اشترينا بيت جديد و فرن جديد و الفرن لسة بايظ
الفرن بايظ ليه؟ مافيش رد
طب ما نصلحه؟ مافيش رد
طب جيبتي بوتجاز بستة ألاف جنيه جديد و برضك الفرن بايظ؟ مافيش رد
أمال جيبتي بوتجاز بستة ألاف جنيه ليه؟ علشان أم أمنية تدلدق عليه السمنة أم 70 جنيه إللي بتجيها و الأكل برضه يطلع زي الخرا و يترمي؟ مافيش رد

عيلتنا بشكل عام عيلة ستاتها من أقوي ما يمكن فا لما بنتجمع الموضوع بيكون أقرب للسيرك منه إلي تجمع عائلي، ياما جنازات و عزاءات و أفراح و جوازات باظت بسبب الموضوع ده
شأت الأقدار نتجمع يوم السبت عند بنت خالتي على الغدا أنا و أمي و أختي و خالتي و بنت خالتي و نهى صاحبتي و نصرة إللي طبيخها يحط على أبو السيد و البرنس و العك ده. المهم، طبعاً تطرقنا إلي موضوع الانتخابات وسط الصوت العالي و الآراء المتضاربة و الإيمانات و الاعتقدات المختلفة جذرياً الموضوع كان سيرك قلب لعنبر في مستشفى الأمراض العصبية
سألت أمي بمنتهى الهدوء، و أنتِ يا مامي، هاتعملي إيه في الانتخابات
قامت في وسط الصالة "انا حرة أعمل إللي أعمله، أنا سألتك هاتعملي إيه؟ مش عايزة أسألك و لا عايزة أعرف. مش ممكن الطريقة ديه" وسط ذهول الجميع الحاضرين إللي أصلاً صوتهم عالي و الهيستيريا نفسها تتخض منهم
ماحدش قادر يستوعب الست زعقت إزاي، كأن سألتها عن عملية تجميل مثلا مخبياها عن الناس أو جوازعرفي البباراتزي بتتداول صوره أو شغالة بتضربها بالكرابيج و تطفي فيها السجاير، شئ مذهل بمعنى الكلمة
"خلاص يا مامي" هدي اعصابك، الناس كلها بتتكلم في الانتخابات في إيه يا مامي
سكتت....
كلنا بسبوسة....
مشيت......
رجعت إمبارح البيت بليل بعد يوم شاق هاموت من الجوع
لقيت علب كدة متعبية كيك، قلت ده أكيد كيك كارفور الوحش برضك إللي مامي مصممة إنه حلو و هي و أم أمنية بياكلوه
اختي دخلت ورايا المطبخ "مش عايزة تاكلي كيك؟ ده مامي إللي عاملاه" وقع علي الخبر وقوع جملة "انا عارفة أبوكي مين بتاعة الأفلام الأمريكاني إللي بيقعدوا فيها يدوروا على أبوهم و كدة

مامي عاملة كيك؟
الفرن اتصلح؟
مامي عاملة كيك إزاي يعني؟

سبحان الله الفرن اتصلح إمبارح و أمي عملت كيك لأول مرة في حياتها من ساعة لما أنا عرفتها (أنا أعرف أمي من 26 سنة و هي عندها 55 سنة يعني أنا أعرفها للجزء الأقل في حياتها)

 أنا هاتجنن يعني امبارح بس الفرن اتصلح و كمان طلع كيكة
الباقي من حياتي سوف يُفنى في فك لغز الكيكة و مامي و ليه مش عايزة تقوللي إن صوتها للسيسي

عاش الحراك الشعبي إللي اجبر أمي على خبز كيكة
عاش الفقيد

No comments:

Post a Comment